التوأمان تشابه الشكل واختلاف الشخصية
انتظار مولود من الأحداث المهمة و الأثير لدى أي أسرة، و لكن هذه الفرحة يشوبها بعض القلق عن استقبال مولودين توأمين خاصة في تجارب الأمومة الأولى، فالأم التي تنتظر مولودين أو أكثر في بعض الأحيان تتطلع في وسط فرحتها إلى المسؤوليات التي ستلقى على كاهلها للرعاية بهم، التعب يتلاشى كثيرا عندما تبدأ مشاهد الطرافة في حياة الأسرة و الأقارب وخاصة إن ولد التوأمان متشابهين بدرجة كبيرة قد تصل في بعض الأحيان إلى التطابق، خاصة و أن الأطفال عادة ما يبدؤون بتدبير بعض المواقف الطريفة مستغلين ما يحدث من لبس تجاه التشابه بين الطفلين.
هذا الواقع بالنسبة للتوائم يختلف عقب تجاوز مرحلة الطفولة فعبد الرحمن و محمد نصري طبيشات توأمن ولدا عام 1985 يعيشان الآن عامهما الثالث و العشرين و يتشابهان في تفاصيل الوجه و الجسم بصورة تجعل عملية التمييز بينهما تحتاج لجهد يصعب على الكثيرين، و يروي عبد الرحمن أن مراحل الاستعداد لاستقباله و شقيقه بدأت من المشقة التي تكبدتها أمهما في عملية الحمل و الولادة، و تواصلت بعد ولادتهما حيث تعهدت جدته برعاية أحد المولودين بينما بقي الآخر في رعاية أمه، ويستذكر مرحلة طفولته التي لم تخل من مواقف طريفة نظرا لعدم القدرة على التفريق بينهما بالرغم من اللجوء إلى اللباس المختلف والنوم في أماكن متباعدة.
ويقول انه بالرغم من الإشكالات التي تواجه وجود توأمين في صف مدرسي واحد إلا أنهما أصرا على التواجد في صف واحد طيلة مراحل الدارسة وحتى الثانوية العامة التوجيهي .
و يذكر عبد الرحمن أن حصلا على معدل متقارب للغاية في التوجيهي في واحدة من المفارقات التي صحبتهما في رحلة الحياة، حيث لم تفصل بين معدليهما سوى علامة واحدة، ويضيف انه التحق وشقيقه بالدراسة الجامعية في اليرموك ولكن في كليتين مختلفتين إلا أن الأمر خلال سني الدراسة انطوى على نوادر كثيرة خصوصا لدى الأصدقاء جراء عدم القدرة على التمييز بينهما .
ويدحض عبد الرحمن الاعتقادات الشائعة حول التوائم وأبرزها أنهما يمرضان سوية و ينامان و يستيقظان في موعد واحد، فالتوائم يختلفون في المزاج و الأحوال النفسية ويقتصر التشابه بينهما على الجانب الشكلي، فلكل منهما ذوقه المختلف و رؤيته المميزة للحياة، ولكنهما يكونان مرتبطين للغاية في علاقتهما بصورة أكثر من تلك بين الأشقاء الذين تفصل بينهم سنوات في العمر.
أصحاب الاختصاص من الأطباء و علماء الوراثة يقولون في أن الحالة الطبيعية أن يطلق أحد المبيضين لدى المرأة بويضة واحدة في كل شهر فإن أخصبت تكوِّن جنيناً واحداً ثم يولد مولود واحد أمَّا إذا أطلق أحد المبيضين بويضتين أو أكثر أو أطلق كل مبيض بويضة أو أكثر وأخصبت كل واحدة بحيوان منوي مختلف تتشكَّل التوائم حسب عدد البويضات المخصبة.
لكن هذه التوائم حسب ذات المختصين تكون مختلفة أو متشابهة الصفات أو الجنس، لكن إذا أطلق أحد المبيضين بويضة ثم أخصبت بحيوان منوي ثم انقسمت البويضة المخصبة إلى بويضتين مخصبتين أو أكثر ثم زرعت كل واحدة نفسها في جدار الرحم وشكلت الأجنة التوائم كانت المواليد كلها متطابقة الجنس والشعر والعينين ونوع الدم لأنَّ الصبغات الوراثية (الكروموسومات) متطابقة.
واللافت حسب ذوي الاختصاص وجود حالات تشابه في التوائم الثلاثة واختلاف أيضا ويحصل هذا عندما يطلق المبيض أو المبيضان بويضتين إحداهما أخصبت وكوَّنت جنيناً عادياً أما البويضة الثانية فقد أخصبت ثمَّ انقسمت إلى بويضتين أصبح هناك جنينان متطابقان وبهذا يكون المجموع توأمين متطابقين وثالثاً مختلفاً.
هذا النوع من التوائم نادر جداً حيث يكون كلّ من التوأمين صورة مرآة للآخر وهو ما يعتقد أنَّ الانقسام لا يحدث في البويضة الملقحة ولكن بعد تكون الجنين ويكون التوأمان متطابقين كالإنسان وصورته في المرآة والغريب في هذا النوع من التوائم أنَّ أحشاءهما قد تكون متقابلة وعليه يكون قلب أحدهما على جهة اليمين عكس أخيه ومعدة أحدهما في يمين البطن والآخر في يسار البطن وهكذا ويمكن أن تحدث هذه الحالة عندما يولد توأمان متطابقان إلا أن أحدهما يستخدم اليد اليمنى في التعامل بينما يكون الآخر أعسر أي يستخدم يده اليسرى وقد يكون سلوكهما مختلفاً وهذا بسبب سيطرة الجزء الأيمن في المخ فإن كان كذلك كان الشخص متفوهاً مبدعاً وحساساً وعاطفياً أما إذا كانت السيطرة للجزء الأيسر كان أكثر منطقية ومستقيماً لا يحب اللف والدوران ويحب التعامل المحدد بالأرقام وهذا ما يمكن أن يحدث مع التوأم المرآة فإن كان أحدهما من النوع الأول كان الآخر من النوع الثاني والعكس بالعكس.
في بعض الحالات يكون التوأمين ملتصقين و يطلق عليهما سياميين لأن أول حالة لتوأمين ملتصقين كانت في سيام (تايلاند حاليا) و كانت التوائم السيامية تضطر للحياة ملتصقة بصورة تجعل تجربة الحياة صعبة على كليهما، إلا أن عمليات فصل التوائم السيامية أخذت تتطور في السنوات الأخيرة ولكنها ليست بالعمليات السهلة نتيجة وجود أعضاء مشتركة بين التوأمين وقد تؤدي عملية الفصل في أحيان كثيرة إلى التضحية بأحدهما، وما زال الكثيرون يتذكرون فشل عملية فصل فتاتين ايرانيتين عاشتا ملتصقتين حتى بلغتا التاسعة و العشرين.
تجربة قدوم توأم للأسرة تجربة نادرة ولكنها تتطلب الكثير من الأهل ليس على مستوى الرعاية وحسب ولكن أيضا في التعامل المبكر معهما كشخصيتين مستقلتين فينصح علماء النفس بوضع كل طفل في سرير منفصل وان يتم التعامل معهما عند ادراكهما بصورة مستقلة بحيث لا يشتركا في نفس الالعاب وان يخصص لكل منهما وقت معين يمارس فيه هواياته وان يتم تعويدهما على طلب حاجتهما بشكل منفصل مع التأكيد ان تكون الرعاية الوالدية لهما معاً فلا يختص احد الوالدين باحدهما والآخر بالثاني كونهما يحتاجا إلى رعاية وحنان الوالدين معاً